الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفًا} أي: مجتمعين كأنهم لكثرتهم يزحفون أي: يدبون دبيبًا من زحف الصبي إذا دبّ على استه قليلًا قليلًا سمي به، وجمع على زحوف، وانتصابه على الحال وهو مصدر موصوف به كالعدل والرضا ولذلك لم يجمع {فلا تولوهم الأدبار} أي: منهزمين منهم وإن كنتم أقل منهم.{ومن يولهم يومئذٍ} أي: يوم لقائهم {دبره} أي: يجعل ظهره إليهم منهزمًا {إلا متحرفًا} أي: منعطفًا {لقتال} بأن يريهم أنه منهزم خداعًا ثم يكر عليهم وهو باب من مكايد الحرب {أو متحيزًا} منضمًا وصائرًا {إلى فئة} أي: جماعة أخرى من المسلمين سوى الفئة التي هو فيها على القرب يستنجد بها.ومنهم من لا يعتبر القرب لما روى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه كان في سرية بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرّوا إلى المدينة فقلت: يا رسول الله نحن الفرارون، فقال: «بل أنتم العكارون» وفي رواية: «الكرارون» أي: المتعاطفون إلى الحرب، وأنا فئتكم.وانهزم رجل من القادسية فأتى المدينة إلى عمر رضي الله تعالى عنه فقال: يا أمير المؤمنين هلكت فررت من الزحف، فقال عمر: أنا فئتك {فقد باء} أي: رجع {بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير} أي: المرجع هي، وعن ابن عباس أنّ الفرار من الزحف من أكبر الكبائر هذا إذا لم يزد العدد على الضعف لقوله تعالى: {الآن خفف الله عنكم وعلم أنّ فيكم ضعفًا}.وقيل: هذا في أهل بدر خاصة؛ لأنه ما كان يجوز لهم الانهزام يوم بدر؛ لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان معهم قاله مجاهد. اهـ.
|